إعلان

Header Ads
أحدث الأخبار

الفقي في لحزن رائحة أخري وعطش الحروف بقلم دكتور إبراهيم عطية


يرحل الإنسان ولا يبقي من سيرته إلا ما تركه من أثر أدبي ، وقد أقسم المولي عز وجل في سورة القلم ( نون والقلم وما يسطرون ) ، فاللقلم وما يسطره مكانة عظيمة ، أنزلها المولي عز وجل في كتابه العظيم، كما اختص الشعراء بمكانة دون غيرهم خاصة المتقين منهم ، والسيرة الطيبة تخلد صاحبها بعد رحيله ، وما يتركه من إبداع يفيد البشرية ، ويجعلنا نتذوق المتعة المنشودة من الفن الأدبي ، وتناول موضوعات حياتية مرتبطة بقضايا المجتمع ، واشهد أن صاحب هذه الأشعار التي ننشرها بعد أكثر من عقد زمني مر على رحيله من هؤلاء الناس الطيبين، البسطاء، الأطهار الذين كانوا بحبونه وينشد مودتهم، ممن يؤلفون بين قلوب الناس، وترك أثرا طيبامع جميع أصدقائه ..طيب الله ثراه واسكته فسيح جناته ..

وصاحب هذه السيرة كما دونته أثناء مشاركتي باحثاً في معجم البالطين للشعراء العرب في القرن التاسع عشر والعشرين هو الشاعر محمد أحمد أحمد حسن الفقي.ولد في قرية الأسدية (مركز أبيحماد-محافظة الشرقية)،وتوفي فيها عام 2006م.قضى حياته في مصر وزار المملكة العربية السعودية حاجاً قبل وفاته بشهور قليلة.

حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، ثم تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في قرية الأسدية، بعدها قصد مركز أبي حماد، فدرس في المدرسة الثانوية، ثم التحق بجامعة 


الزقازيق، فتخرج في كلية الزراعة حاصلاً على بكالوريوس العلوم الزراعية عام 1984م.عمل مدرسًا للزراعة بمدرسة الأسدية الثانوية المشتركة.

كان عضوًا في نادي الأدب بقصر ثقافة الزقازيق، كما كان عضوًا في رابطة أدباء مدينة أبي حماد، كذلك أشرف على نادي الأدب في مركز شباب الأسدية المطور.كما شارك في عدة مهرجانات شعرية وأدبية في الثقافة الجماهيرية مثل: مهرجان الربيع الشعري في مدينة الزقازيق ومهرجان هاشم الرفاعي بمدينة أنشاص.


وقد ترك إنتاجاً شعرياً له ثلاثة دواوين مطبوعة: ظل النوارس - الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، فرع ثقافة الزقازيق - الزقازيق 2001م، وبقايا أجنحة - الراعي للطباعة والنشر - الزقازيق 2002م، وأمواج الحزن - المتوكل للطباعة والنشر - الزقازيق 2004م، وله قصيدة بعنوان: «ويحرقني الرحيل» - مجلة رؤى ثقافية - الشرقية 1999م، وله ديوانان مخطوطان: للحزن رائحة أخرى  ، وعطش الجروح - شعر فصيح.

ووعند وفاته شرعت الأسرة في نشر الديوانين إلا أن الظروف المادية حالت دون ظهورهما ، وظل الديوانان أمانة عندي ربما تتاح فرصة لنشرهما في مكان ما ، أكثر من ثلاثة عشر عاماً في أوراقي الخاصة محافظا عليهما، حتى شاءت الظروف بعد كبر الأبناء الصغار وتواصلهم معي وهو ابنه (منصور محمد الفقي) خريج الجامعة.. بارك الله فيه .. الذي أحيا الفكرة أملاً في خروج ما تركه والده من أشعار للنور ، وعلي الفور رفعت ما تركه الزمن من أثرٍ على الأوراق / الملازم التي كان قد أعدها للطباعة ، وقمت بتجهيز ما يلزم من اضافات وتصميم للغلاف ، ليخرج الديوانين بصورة تليق بصاحبها.

وللشاعر مجموعة قصصية بعنوان: «الليل يرحل دائمًا» - مؤسسة الأسبوع السياسي للنشر - القاهرة 2005م.

ومن سمات شعره أنه شاعر وجداني، مسكون بالشجن، نظم القصيدة العمودية، كما نظم قصيدة التفعيلة، وهو في الحالين متسم ببساطة التعبير، وتواتر الصور الموحية، التي تتواشج مع حالات من الشعور الداخلي الملتبس بمشاهد الطبيعة، فيبدو أقرب إلى مناهج الرومانسيين، مجمل شعره ذاتي فيما عدا قصيدة وحيدة من الشعر الوطني بعنوان: «عودة الأقصى»، غير أن المعنى الوطني لا يغيب عن كثير من قصائده، إذ يأتي متداخلاً مع تعبيرات وجدانية، تجعل جملته ذات كثافة وعمق في معناها.

اتمني أن يحظي صاحب هذه الأشعار باهتمام الباحثين الأكاديميين، واستكمال لما بدأه من مشروح نقدي لشعره ، ودراسة الجوانب الفنية ، والتجربة الشعرية عند محمد الفقي التي أعدها الراحل الدكتور الشحات الغمري الذي درس أشعاره لطلابه في جامعة الأزهر الشريف من طلاب كلية اللغة العربية، وتمني أن يكلف أحد طلابه من الباحثين في الماجستير أو الدكتوراه لكن لم يسعفه الوقت بعد رحلة معاناة مع المرض، ورحل تاركاً بذور المشروع النقدي للشاعر، وملامح التجربة في صفحات ربما يأتي من بعده  باحث يكمل المشوار ويبرز الجوانب الفنية لدي صاحب هذه التجربة الشعرية التي تحمل في طياتها الحزن بكل ملامحه ، وتبدوا قصائد الديوانين نبؤة استشعر فيها الرحيل تاركاً هذا الميراث الشعري ليضاف إلي المكتبة العربية وديوان الشعر العربي الحديث .

هذه التجربة التي تأثرت بعناصر الطبيعة الريفية حيث قضي حياته في قريته التي ارتبط بها وشكلت وجدانه الإبداعي منذ طفولته ، وساهمت بشكل كبير مع ثقافته في تشكيل تجاربه الإبداعية ،وكانت ملامح الفطرة الفنية مذاق يميزها عن غيرها ، وتركت بصمات واضحة في وجدان من تلقاها ، فسلاماً لروحك الطاهرة يا صديقي ، من عطش الجروح إلى للحزن رائحة أخري وتحية لذكراك  العطرة .

الزقازيق في 7 أغسطس 2020م




إرسال تعليق

0 تعليقات