حقيقة؛ لم أكن متفوقًا بالدراسة، ففي المرحلة الإعدادية عام (1993) حصلت على مئة وأربعين درجة من مئتين وثمانين. ظهرت النتيجة يوم ثلاثاء، والشيء الغريب أن كل نتائج امتحاناتي بجميع السنوات كانت تظهر في نفس هذا اليوم.
بعد العاشرة صباحًا بقليل؛ ذهبت إلى المدرسة كي أحصل على شهادة النجاح وأعرف مجموعي الذي كان مكتوبًا بخط كبير في أعلاها بقلم جاف أحمر. الجو شديد الحرارة، والمدرسة مزدحمة عن آخرها، أولياء أمور وطلبة، الجميع ينظر إلى الجميع، وأنا خائف أترقب، لمحت الأستاذ عبد اللطيف موجودًا مع الحاج أبو السعود مرسال عامل المدرسة في أحد الفصول ومعهم شخص ثالث لا أذكره.
من بين الفتحات الحديدية ناولته خمسة جنيهات، وقلت له: أحمد إبراهيم عبد السلام اللاوندي، لم تمض سوى دقائق قليلة حتى ناولني الشهادة وهو يقول لي بسخرية واضحة لا أعلم سببها حتى الآن: (140 إذاعة)، أمسكت الشهادة، وأخذت أنظر فيها والدموع تنهمر من عينيَّ وقد اسودت الدنيا بوجهي. أعلم أنني ما ذاكرت لكي أحقق طموحاتي، لذا؛ فلم أظلم في شيء، وهذا ما أستحقه بالفعل، بل أظن مئة بالمئة أنني كنت راسبًا وقد رُفعت بضع درجات، وربما أكثر من ذلك لكي أنجح.
لم أعرف إلى أين أتجه، ثمة مرارة في حلقي، وغصة بالقلب لا أستطيع أن أصفها أو أعبر عنها؛ مهما أوتيت من فصاحة لسان وصدق بيان. قادتني قدماي فلم أكن أشعر بشيء وكأنني تحت تأثير مخدر قوي. لقد وجدت نفسي أسير نحو دارنا، كان الجيران واقفين على الجانبين فرحيين ومسرورين لأن أبناءهم وبناتهم حصلوا على أعلى الدرجات، وضمنوا دخولهم الثانوي العام.
بعد عدة طرقات هزيلة بيدي اليمنى على الباب الذي لم نغيره رغم أننا قمنا بتجديد البيت، فتحت لي أمي، تصفحتْ الشهادة وقسمات وجهي ثم احتضنتني بحنو وأنا أبكي، قالت: «ما تزعلش يا ضنايا، إن شاء الله بكرة هتبقى كويس بس اجدعن انت وخلي بالك م اللي جي».
0 تعليقات