في مجموعتها القصصية(من يوميات الحزن العادي)تخترق : بشرى أبو شرار عتبات العتمة التي خيمت طويلا على الشعب الفلسطيني في تغريبته المرة والمريرة ، بعيدا عن أرضها التي استلبت وقد تحولت إلى بطاقة لجوء وخيام ينخر فيها الحر والقر ، وهموم العيش ولوعة الاحتراق ،حنينا إلى فردوس مفقود ؛ بلغة اقتصدت وأوجزت موحية مشيرة في تقنية عالية التركيز لاستقطاب الحدث والدوران حوله في محاولة لاختراقه واستجلاء لخفاياه ، تاركة فسحة مجزية للقارئ لاستنتاج مدلوله ومرماه .
تدبج : بشرى أبو شرار قصصها القصيرة المتشحة بحداد دائم والمشبعةبأحزان لا تنتهي ، لتنقل إلينا عالمها من خلال سرد مختزل مكثف وهموم ضالعة في الحزن ، غير أن شمس الأمل بين الحين والحين ما تني تلقي بخيوطها المشبعة بحلم العودة والمنسوجة من وعود التواصل والملتقى ؛ متجاوزة كل انكسار وخسران .
في قصتها الأولى : لا تخافي الغروب .
تحكي لنا كيف تبث الجدة وهي على فراش المرض وقريب الرحيل ، أملا في النفس وانتعاشا في القلب ، حين تطوق الحفيدة بذراعيها هامسة( : لا تخافي الغروب) .
في قصة : يمامة هاربة
تفلت بطلة القصة من شراك حبكت لاقتناص كرامتها بأظلاف مدع ضالع في الصيد والقنص ، لتنقل إلينا خلاصة مفادها الحذر وتجنب المطبات المغطاة بالورود .
وفي قصة : أحلام متشابهة ، تتوارث الأجيال هموم بعضها جيلا إثر جيل وتتشابه أحلامها
في معايشة ذات الهموم والأحزان .
وفي قصة : حتحور .
المهداة إلى أمين ريان
تتبدى لنا صعوبة السفر إلى الأم عبرحواجز وسراديب مظلمة شبه مستحيلة ؛ تلك الأم التي باتت كذبة حزينة وغصة في القلب .
ينطلق السؤال (لماذا) ؟في قصتها /لماذا /من مواجع الصبي الغارقة في شجون فوق احتمال سنواته الغضة ، ليغرقها أكثر في ظلمات المعاناة وسوء الحال .
في قصة : أوسمة ونياشين المهداة إلى محمد الذي يسكن آخر شارعها الطويل .
تحكي قصة البطولة مقترنة بالمعاش والمحال على الحياة ، وكيف يدافع الفتى الفلسطيني عن أرضه رغم مشاغل عمله موفقا بينها وبين واجبه الوطني .
وفي قصة : مرثية الليل :
حوار بين محبين وفرصة وداع قيد الشروع .
في قصة : حارس المرمى :
بين ركام الأحزان وما يشغل بالها من هموم وهي تستمع إلى المذياع وما سبقه من أخبار ؛ يستوقفها خبر وصول الكابتن حارس المرمى والذي يحوز اهتمام ابنها المتابع لمباريات الكرة ، بين تداعيات لذكريات دامية .
وفي قصة نهر الجنون : أحزان واصابات و مظاهرات مشاف غارقة في عتمتها، ونفوس تلهث وراء الطحين ولقمة العيش ، وطفلة فقدت جميع أهلها .
تتساءل الكاتبة في قصتها هذه : (ما سر مستشفى الشفاء في ملحمة شعب وتاريخ وطن ؟ منه خرجت كل الحكايات الباكية والساخرة .. ) .
وفي قصة : حبة البندورة ، المهداة إلى روح علاء مرتجى ؛ تحكي قصة الصحفي الموثق للخبر وقد زفته صافرات الإسعاف مصابا
تفترش جسده شظايا القذائف إلى سرير في مشفى ، بين محاولات إسعافه وإعادة قلبه إلى النبض وبين هذيانه بأخيه الصغير وحبة البندورة وأمه التي لا تتحرك وأخته التي لاتسدل أهدابها .
في قصة : كنا ثلاثة ؛ المهداة إلى الصبي لؤي ، تحكي قصة صبي تعرض مع اثنين آخرين إلى الإصابة بقذائف غادرة .
تتوالى العناوين لقصص غارقة في الأحزان اليومية ، من ميلاد إلى سجل يا أخي ، وحكاية رصاصة ، وصديقي ، ولأجل الحياة ، إلى بكاء الفجر ، وأسماء من مدينتي ، وشواهد ، وليل مدينتي ، وعيون النار ، إلى نهر الدم ، وياسمين ، وكرة قدم ، ومحطة مغادرة ، وامنيات مسافرة وموعد أخير ، ومن علبة دخان ، ومن يقتل الأبيض فينا ، ورقائق من ذهب ، إلى أثرة الوردة ، والبرلمان الصغير ، ودكان صغير وصديقي الأخير ، وحذاء على الطريق ، إلى مرايا مشطورة ، وحبات الكستناء ، وورود العناب ، وحضور من قلب الغياب، وفاتورة ، ومن يوميات صباح عادي ، إلى حافة غروب ، وغبش الضباب ،وعثمان المظلوم ، وغاب الصوت ، وهوامش ، ومن بقايا الأيام ، إلى رماد مشتعل، وما تبقى من اللون الأحمر ، ومن يوميات الحزن العادي ، وأشواق القهوة ، وتداعيات الوجع ، وشطر المرآة، وحضور الغياب وبين وردة الشوك ، وبراعم غائبة ، إلى مقامات الروح ، وأوجاع الروح ، وأنشودة الشوق ، وعلى ضفاف الروح ، وأنشودة الرحيل ، وامرأة مكابرة ، ولحظات الاحتضار ، ومحطة أخيرة ، إلى موعدرحيلها ، وبقايا امرأة ، وحبال من هواء ، وامرأة ، ومن قلب العتمة ، وإشراقة باهتة ، وتتوسد حلما ، وحفل عشاء ، وعصفورة ، وشدو ، إلى صور في مقاطع ، ومقطع يتراءى فيه الصبي الواقف في قرص الشمس الملون (من رأى الصبي الواقف في قرص الشمس الملون بلون كنعان القرمزي يقبض على نارها ويلقي بها في ليل غزة ، تنادي الراحلين الغائبين ، ليعودوا كما النار ترهج وتتشظى حمما ، ثم تعود تنكفئ على قرص الشمس تذوب في استدارتها وتتلون بالقرمزي ، يد الصبي صغيرة لكنها قادرة على أن تضم كل المتعبين المسكونين بجراح وطنهم الغائب . ) .
حيث الصبي يمثل الحلم الواعد ، والمستقبل المأمول في استعادة ما استلب من حق .
0 تعليقات